بال ثينك تعقد ورشة حوارية لمناقشة تداعيات غياب الانتخابات على المجتمع والقضية

  • 1291

٢٥ أيار/ مايو ٢٠٢٢

نظمت مؤسسة بال ثينك للدراسات الاستراتيجية ورشة حوارية 25 أيار/ مايو 2022 في اللايت هاوس بغزة وعبر برنامج Zoom، وذلك لمناقشة ورقة سياسات حول التداعيات الكارثية لغياب الانتخابات الفلسطينية على الصعيد السياسي والقانوني، وتشوه عمل السلطات الثلاث، بالإضافة إلى تداعيات غياب الانتخابات على الاقتصاد الفلسطيني جراء ازدواجية السياسيات العامة وتأثيراتها المباشرة على الموازنة في ضوء غياب التخطيط والرقابة مما أثر على مستوى الشفافية والمحاسبة، وناقشت انعكاسات غياب الانتخابات السلبية على المجتمع الفلسطيني وفئاته.

في الجلسة الافتتاحية التي يسرها عمر شعبان مدير مؤسسة بال ثينك لعرض ومناقشة أولى الأوراق السياساتية ضمن مشروع “أكاديمية بال ثينك للديمقراطية وحقوق الإنسان” بالشراكة مع (IFA)، والتي تتضمن مجموعة من البرامج والنشاطات المختلفة، أهمها: المكتبة الرقمية الوعاء المرجعي الأول بغزة الذي يتيح مئات المراجع المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى المساحة التي تقدمها للباحثين والشباب لنشر انتاجهم العلمي. كذلك، ورش العمل واللقاءات الحوارية المتعلقة بقضايا الديمقراطية وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ملتقى الديمقراطية والحوار الشبابي، والذي يشكل حاضنه شبابية لمناقشة كافة الموضوعات القانونية والحقوقية.

وبدورة أكد على مواصلة بال ثينك مسارها الذي رسمته منذ الانقسام الفلسطيني في العام 2007 والعمل مع كافة الأطراف الفلسطينية والدولية لمعالجة أثاره التراكمية على المجتمع الفلسطيني “تأتي هذه الورشة التي تناقش تداعيات غياب الانتخابات على الصعيد الاقتصادي والسياسي والاجتماعي واستكمال مشروع النضال الفلسطيني، والتي ساهم في إعدادها ثلاثة من الباحثين المرموقين وهم: “عمر الرحال من رام الله، ويحيى قاعود من قطاع غزة، ونداء عوينة من بيت لحم تماشياً مع المسار الذي رسمته بال ثينك”. 

قدم معدي الورقة السياساتية شرحاً تفصيلاً عن التداعيات الكارثية التي سببها غياب الانتخابات الفلسطينية، حيث استهلت نداء عوينة بالحديث عن تأثير غياب الانتخابات على الأسرة والشباب والمجتمع. وقالت: “غياب الانتخابات يعني غياب القوانين التي تنص على حماية الأسرة. لو نظرنا إلى الإحصاءات الرسمية، لوجدنا أن 58% من النساء يعانين من العنف الأسري، أو على الأقل عانين مرة وحدة في حياتهن، فلن تحل مشكلة العنف وإشكالياته الكارثية بدون مجلس تشريعي”.

وأشارت إلى أن نسبة مشاركة النساء في قوائم الانتخابات العام الماضي كانت 29%، وهو مؤشر على أزمة ضعف المشاركة السياسية الفاعلة للمرأة التي تحتاج المجلس التشريعي لحلها. وهذا الأمر يصيبنا في مقتل لأنه سيمنع التغيرات والتطورات الإيجابية التي يمكن أن تطرأ على المجتمع الفلسطيني الذي يصنف من أكثر شعوب العالم إنتاجًا للمواد الثقافية وحصولًا على الشهادات العلمية”.

وتابعت: “هذه العوامل تجعل الناس تفقد هويتهم ومشاعرهم وتعلقهم في هذا المكان، خاصة الشباب، وبالتالي سيضطرون للهجرة للبحث عن عمل خارج البلاد، وهذا سيزيدنا فقرًا اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا”. وأردفت عوينة: “أيضًا النقابات والاتحادات والكثير من مؤسسات المجتمع المدني لا تعقد انتخابات وتأثرت في المجلس التشريعي، وبذلك نفقد الإرث الانتخابي، وهذا يسبب تعنتًا للجيل الصاعد وهو الأمر التي يسبب مشاكل اجتماعية”. ولفتت إن أن الانتخابات يعني توفير حماية للأطفال وللنساء والشباب، ووظائف وخفض نسبة البطالة للشباب.

من جهته، قال الباحث يحيى قاعود أثر غياب الانتخابات على عدة مناحٍ أهمها الصعيد السياسي الداخلي التي تمثل في تشوه عمل السلطات، وتآكل الشرعيات القانونية لتمثيل الفلسطينيين، وهو ما أدى لتراجع مكانة القضية الفلسطينية، الأمر الذي كان ذريعة لدول الإقليم والعالم لتهميش القضية الفلسطينية خاصة في ضوء التغيرات المتسارعة. أما على المستوى الخارجي، فأشار إلى أن هناك خطابين موجهين للعالم، الأول خطاب السلطة الوطنية، أما الثاني، خطاب حركة حماس.

وأضاف قاعود: “تسبب غياب الانتخابات في تقليص فرص الدعم المالي خاصة في المشاريع التنموية والتطويرية، وعرقلة عمل المنظمات الأممية حيث إن غياب قيادة فلسطينية منتخبة شكل عائقًا أمام العديد من المنظمات الأممية في محاولتها للوقوف مع الشعب الفلسطيني”. وبين أن تداعيات غياب الانتخابات اقتصادياً، كانت كارثية على المجتمع، حيث هنالك ازدواجية في السياسات الاقتصادية وتشريعاتها”.

أما الباحث عمر رحال فقال إن الشعب الفلسطيني كان سعيدًا بقرار إجراء الانتخابات كونها أهم أدوات الديمقراطية، وخيم خيبه الأمل على المجتمع بعد قرار التأجيل. وأضاف: “لا يمكن الحديث عن الانتخابات بجوها العام إلا إذا اتسمت بأن تكون حرة ونزيهة حيادية وبمشاركة الجميع، لأن الانتخابات هي ليست هدف بحد ذاتها إنما وسيلة، لكنها ما زالت تستخدم كورقة سياسية رغم أنها استحقاق دستوري وسياسي وليست منة من تنظيم أو حزب، فإلغاء الانتخابات يخالف القانون الأساسي والاتفاقيات التي وقعت عليها فلسطين خاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية”.

وبين أن ثقة المجتمع الدولي تراجعت في الفلسطينيين الذين أصبحوا من وجهة نظر بعض الدول بأنهم غير جديرين بإدارة شؤونهم بأنفسهم.

وفي التعقيب على ما تضمنته الورقة، علق الباحث في قضايا الحكم والسياسة، جهاد حرب قائلاً: “إن انتهاء الولاية الرئاسية أو ولاية المجلس التشريعي عام 2010، يعني غياب المشروعية الدستورية والقانونية وهو انتهاك للمبدأ الدستوري المتعلق بحق الفلسطينيين بالانتخاب”، وكذلك القواعد الدستورية الآمرة التي تنص على أن تكون السلطات منتخبة من الشعب، وهي موجودة في المادة 5 و34 و47 من القانون الأساسي. وأوضح أن غياب الانتخابات يعني تحول النظام السياسي تدريجيْا إلى نظام استبدادي، مما يعني عدم الفصل بين السلطات، وفي الحالة الفلسطينية حل المجلس التشريعي أدى لإلغاء الجهة الرسمية للرقابة.

وأضاف: “غياب الانتخابات يتيح فرص للمتنفذين من استغلال مناصبهم ومكانتهم للحصول على منافع خاصة سواء مادية أو سياسية ويغيب القيادة الحقيقية المنتخبة”.

أما سامية الغصين، المتخصصة في القانون الدولي، فقالت معقبة على الورقة: “الانقسام أصابنا في مقتل في كل مناحِ الحياة. فلا يوجد لدينا نظام سياسي موحد لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية”. وأوضحت أن أكثر ما تعاني منه هو الانقسام بين السلطات التشريعية وتغول السلطة التنفيذية عليها. وأضافت: “الانقسام التشريعي خطير جدًا، فهناك قوانين من زمن الإدارة المصرية والأردنية وقوانين من قبل الانقسام وقوانين بعد الانقسام. غياب الانتخابات والمجلس التشريعي أعاقا الحق في سن قوانين هامة مثل فانون حماية الأسرة وقانون الحق في الحصول على المعلومات وغيرها”. واختتمت بالقول: “ونرى أيضا التداعيات في تراجع الخدمات العامة في الصحة وانهياره ونقص الأدوية والعمليات المجدولة ومستوى التعليم وارتفاع نسبة البطالة وتراجع في قيم المواطنة، وعدم وجود برنامج وطني، وتآكل حقوق الموظفين”.

بدوره، قال السياسي والأكاديمي وجيه أبو ظريفة “البيئة القانونية تساهم بشكل كبير في الانتخابات، من يتحكم في إجراء الانتخابات هو من يتحكم في إدارة الحياة العامة سواء قوى سياسية أو قوى الانقسام، فالأطراف القائمة على النظام السياسي لم تصل لمرحلة إدراك أن العملية الديمقراطية ستحل كل المشاكل القائمة”.

وأشار أبو ظريفه إلى أنه في أحد الاجتماعات التي ناقشت موضوع الانتخابات مع مفوضي الاتحاد الأوروبي، بأن الانتخابات قد تكون مدخلًا لعملية التسوية السياسية مع إسرائيل.

هذا ودارت أسئلة ومداخلات المشاركين حول أئذا ما كان سبب الأزمة غياب الانتخابات أم النظام السياسي بحد ذاته، ودور النخب الوطنية ومؤسسات المجتمع المدني في معالجة الأزمات القائمة، وتأثير أيدولوجيات الأحزاب المكونة للنظام السياسي على تشكيل أزمات الواقع السياسي، ودور التدخل الخارجي على الأزمة الفلسطينية، وجدوى فصل منظمة التحرير عن السلطة الفلسطينية، وضرورة وضع مفاهيم الديمقراطية في المناهج الفلسطينية.