التقرير العالمي 2021 – إسرائيل وفلسطين


مارست السلطات الإسرائيلية في 2020 قمعا وتمييزا منهجيَّين ضد الفلسطينيين بطرق تجاوزت بكثير المبررات الأمنية التي قدمتها في كثير من الأحيان.

للعام الـ13 على التوالي، فرضت الحكومة حظر سفر على الفلسطينيين في قطاع غزة المحتل وقيودا شديدة على دخول وخروج البضائع. هذه القيود، التي لا تستند إلى تقييم فردي للمخاطر الأمنية، سلبت، مع استثناءات نادرة، مليونَيْ فلسطيني يعيشون هناك حقهم في حرية التنقل، وقيدت حصولهم على الكهرباء والماء، ودمرت الاقتصاد. يعتمد 80% من سكان غزة على المساعدات الإنسانية.

كما سهلت السلطات الإسرائيلية نقل المزيد من المواطنين الإسرائيليين إلى المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، وهي جريمة حرب. قالت منظمة “السلام الآن” الإسرائيلية إن المسؤولين الإسرائيليين في 2020 دفعوا قطما خططا لبناء 12,159 وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية، حتى 15 أكتوبر/تشرين الأول، وهذا العدد يفوق أي عام آخر منذ أن بدأت المنظمة بتتبع هذه الإحصائيات في 2012.

وفقا لـ”مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” )أوتشا(، حتى 19 أكتوبر/تشرين الأول 2020، هدمت السلطات الإسرائيلية 568 منزلا فلسطينيا ومبانٍ أخرى في الضفة الغربية هذا العام، بما يشمل القدس الشرقية، ما أدى إلى تهجير 759 شخصا. هدمت معظم المباني لافتقارها إلى تصاريح بناء إسرائيلية، والتي يكاد يستحيل الحصول عليها. مع تفشي فيروس كورونا بين مارس/آذار وأغسطس/آب، سجلّت إسرائيل أعلى معدل لعمليات هدم المنازل في أربع سنوات، بحسب أوتشا. في 3 نوفمبر/تشرين الثاني، هدمت السلطات الإسرائيلية منازل معظم سكان خربة حمصة الفلسطينيين في غور الأردن لكونهم في منطقة حددتها بأنها “منطقة إطلاق نار”، ما أدى إلى تهجير 73 شخصا، 41 منهم أطفال.

أسس الاتفاق الائتلافي بين حزبي “الليكود” و”أزرق أبيض”، والذي أدى إلى تشكيل حكومة إسرائيلية في مايو/أيار، بعد ثلاث جولات من الانتخابات في العام السابق، إجراءات للموافقة على ضم أجزاء إضافية من الضفة الغربية. قال رئيس الوزراء نتنياهو في أغسطس/آب إن إسرائيل سترجئ الخطوة بعد اتفاق لتطبيع العلاقات مع الإمارات، لكنه قال إنه “لا يوجد تغيير في خطتي لمدّ السيادة” على الضفة الغربية.

اعتقلت كل من “السلطة الفلسطينية” التي تسيطر عليها “حركة فتح” في الضفة الغربية وسلطات “حماس” في غزة المعارضين والمنتقدين لتعبيرهم السلمي وعذبت بعضهم أثناء حبسهم. تلقت “الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان” الفلسطينية 269 شكوى عن اعتقالات تعسفية، 147 ضد السلطة الفلسطينية و122 ضد حماس؛ و90 شكوى تعذيب وسوء معاملة، 40 ضد السلطة الفلسطينية و50 ضد حماس؛ و62 شكوى ضد السلطة الفلسطينية بالاحتجاز دون محاكمة أو توجيه تهمة بناء على أوامر من محافظ بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2020. انخفض عدد الشكاوى مقارنة بالسنوات الماضية، والتي تعزوه الهيئة في المقام الأول إلى قلة عدد زيارات السجون التي أجرتها في ظل تفشي كورونا.

قطاع غزة

على الرغم من انخفاض القتال بين إسرائيل والجماعات الفلسطينية المسلحة مقارنة بالسنوات السابقة، استمرت السلطات الإسرائيلية في إغلاق غزة، إلى جانب القيود التي تفرضها مصر على حدودها. أطلقت الجماعات الفلسطينية المسلحة، حتى 21 أكتوبر/تشرين الأول، 187 صاروخا غير موجه أو قذيفة هاون باتجاه التجمعات السكانية الإسرائيلية في 2020، وفقا لـ”مركز مئير عميت للمعلومات حول الاستخبارات والإرهاب”، وهي هجمات عشوائية بطبيعتها ترقى إلى جرائم حرب.

ردت السلطات الإسرائيلية على البالونات الحارقة التي أطلقها فلسطينيون في غزة نحو إسرائيل في أغسطس/آب بتقييد دخول البضائع إلى غزة، بما فيها الغذاء والدواء، ومنع الصيادين الفلسطينيين من الوصول إلى المياه الإقليمية لغزة، وخفض واردات الوقود إلى محطة توليد الكهرباء في القطاع، ما أمعن في تقليص الإمداد المحدود أصلا للكهرباء لمدة ثلاثة أسابيع تقريبا. هذه الإجراءات، التي تستهدف عموم السكان المدنيين في غزة، ترقى إلى مستوى العقاب الجماعي غير القانوني.

في أغسطس/آب، سجلت غزة أول حالات انتقال مجتمعي لفيروس كورونا. وفرضت سلطات حماس، التي تفرض منذ مارس/آذار على السكان العائدين قضاء 21 يوما في الحجر الصحي في المراكز التي تشرف عليها، وإغلاقا لمدة 14 يوما، وإجراءات تقييدية أخرى. حتى 19 أكتوبر/تشرين الأول، سجلت وزارة الصحة في غزة 4,722 حالة إصابة و28 حالة وفاة بفيروس كورونا، معظمها منذ أغسطس/آب.

الإغلاق الإسرائيلي

قيدت إسرائيل قدرة معظم سكان غزة على السفر عبر معبر إيرز، المعبر الوحيد للمسافرين من غزة إلى إسرائيل، والذي يسافر عبره الفلسطينيون إلى الضفة الغربية وإلى الخارج. ينطبق حظر السفر العام على جميع الفلسطينيين باستثناء أولئك الذين تعتبر السلطات الإسرائيلية أن لديهم “ظروفا إنسانية استثنائية”، ومعظمهم ممن يحتاج إلى علاج طبي ضروري ومرافقيهم، فضلا عن رجال الأعمال البارزين.

خلال يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط، خرج في المعدل 778 فلسطينيا ​​من غزة عبر معبر بيت حانون كل يوم، وهو جزء ضئيل من المتوسط ​​اليومي البالغ أكثر من 24 ألف شخص قبل بداية الانتفاضة الثانية في سبتمبر/أيلول 2000، وفقا لمنظمة “چيشاه-مسلك” الحقوقية الإسرائيلية. بعد أن شددت إسرائيل الإغلاق وسط الوباء، انخفض هذا الرقم بين أبريل/نيسان وسبتمبر/أيلول إلى حوالي تسعة أشخاص يوميا.

في مايو/أيار، علّقت السلطة الفلسطينية التنسيق الأمني ​​والإداري مع إسرائيل، بما في ذلك إصدار تصاريح السفر، ردا على خطط الضم الإسرائيلية. تركت هذه الخطوة سكان غزة بلا طريقة واضحة لتقديم طلبات الحصول على تصاريح، لأن السلطات الإسرائيلية ليس لها تواجد رسمي داخل غزة ولم تنشئ آليات بديلة لقبول الطلبات مباشرة. بدأت منظمات عدة في يونيو/حزيران التقدم نيابة عن الفلسطينيين الذين لديهم مواعيد محددة للحصول على رعاية طبية عاجلة خارج غزة، وتولت “منظمة الصحة العالمية” الدور التنسيقي في سبتمبر/أيلول. وفقا للبيانات التي تلقتهامنظمة الصحة العالمية، رفضت إسرائيل أو لم ترد في الوقت المناسب على 54% من هذه الطلبات في يونيو/حزيران. في نوفمبر/تشرين الثاني، قالت السلطة الفلسطينية إنها ستستأنف التنسيق الأمني والإداري مع إسرائيل.

بلغ متوسط ​​صادرات غزة بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول، والتي كانت متجهة في الغالب إلى الضفة الغربية وإسرائيل، حمولة 256 شاحنة شهريا، مقارنة بالمعدل الشهري البالغ حمولة 1,064 شاحنة قبل تشديد الإغلاق في يونيو/حزيران 2007، وفقا لـ چيشاه-مسلك. كما فرضت إسرائيل قيودا شديدة على دخول المواد التي تعتبرها “ذات استخدام مزدوج”، أي التي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية، وغالبا ما منعت دخولها. تتضمن القائمة معدات الأشعة السينية، والاتصالات، ومواد البناء، وقطع الغيار، والبطاريات للأدوات المساعِدة التي يستخدمها الأشخاص ذوو الإعاقة، ومواد مدنية حيوية أخرى.

تلقت العائلات في غزة في المتوسط ​​أكثر بقليل من 12 ساعة من الكهرباء يوميا خلال الأشهر التسعة الأولى من 2020، وفقا لـ “مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية” )أوتشا( الأممي. يؤثر الانقطاع الطويل والمزمن للتيار الكهربائي على الحياة اليومية، لا سيما للأشخاص ذوي الإعاقة الذين يعتمدون على الضوء للتواصل باستخدام لغة الإشارة أو المعدات التي تعمل بالكهرباء، مثل المصاعد أو الكراسي المتحركة الكهربائية، للحركة. وجد أوتشا أن أكثر من 96% من المياه الجوفية في غزة “غير صالحة للاستهلاك البشري”. وفقا لمنظمة الصحة العالمية، فإن 47% مما تعتبره من الأدوية “الأساسية” كان مستوى مخزونها صفر (إمدادات لأقل من شهر واحد) في “مستودع أدوية غزة المركزي” في نهاية سبتمبر/أيلول.

كما قيّدت مصر بشدة حركة الأشخاص والبضائع عند “معبر رفح” مع غزة، بما في ذلك تقييد دخول الأشخاص الذين ليس لديهم هوية فلسطينية لأن إسرائيل لم تدرجهم في سجل السكان الذي تتحكم به. في الأشهر التسعة الأولى من 2020، عَبَر 4,767 فلسطينيا كمعدل شهري في كلا الاتجاهين، أي أقل من المتوسط ​​الشهري البالغ 12,172 في 2019 وأكثر من 40 ألفا قبل الانقلاب العسكري عام 2013 في مصر، وفقا لـ چيشاه-مسلك.

حماس والجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة

لم تقدم سلطات حماس حتى الآن عن معلومات عن مدنيَّيْن إسرائيليَّيْن لديهما إعاقات نفسية-اجتماعية، هما أفيرا مانغستو وهشام السيد. تحتجزهما سلطات حماس منذ أكثر من خمس سنوات بعد دخولهما غزة، فيما يبدو أنه انتهاك للقانون الدولي.

في أبريل/نيسان، اعتقلت سلطات حماس سبعة نشطاء لمشاركتهم في محادثة فيديو أجابوا فيها على أسئلة مدنيين إسرائيليين حول الحياة في غزة. واحتُجز اثنان لأكثر من ستة أشهر وأدين ثلاثة بموجب القانون العسكري بتهمة “إضعاف الشعور الثوري”.

لم تنفذ سلطات حماس أي إعدامات في 2020؛ وكانت قد نفذت 25 إعداما، بعد محاكمات شابتها انتهاكات للإجراءات القانونية، منذ سيطرتها على غزة في يونيو/حزيران 2007. حتى 2 نوفمبر/تشرين الثاني، حكمت المحاكم في غزة على 145 شخصا بالإعدام، وفقا لـ”المركز الفلسطيني لحقوق الانسان”، ومقرّه غزة.

يعاقب قانون من حقبة الانتداب البريطاني لا يزال ساريا في غزة الاتصال الجنسي “خلافا لنواميس الطبيعة”، والذي يُفهم أنه يشمل الجنسية المثلية، بالسَّجن حتى عشر سنوات، رغم أن “هيومن رايتس ووتش” لم توثق اعتقالات بسبب السلوك المثلي.

الضفة الغربية

استخدام القوة والاعتقالات من قبل إسرائيل

في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، قتلت قوات الأمن الإسرائيلية 20 فلسطينيا وجرحت على الأقل 2,001 حتى 5 أكتوبر/تشرين الأول، بحسب أوتشا. يشمل العدد أولئك الذين يُزعم أنهم هاجموا إسرائيليين، ولكن أيضا أولئك الذين لم يشاركوا في أعمال عنف.

في 30 مايو/أيار، قتلت شرطة الحدود الإسرائيلية في البلدة القديمة في القدس بالرصاص إياد الحلاق، وهو رجل فلسطيني أعزل عمره 32 عاما لديه توحد، بعد أن هرب عندما طلبوا منه التوقف، بحسب التقارير. وبحسب تقارير، قال رجل أمن في الموقع للمحققين الإسرائيليين إن الشرطة أطلقت النار عليه في “مكان مغلق” حيث لم “يعرّض للخطر” أي أحد. في أكتوبر/تشرين الأول، أشارت السلطات إلى أنها ستتهم على الأرجح رجل الأمن الذي أطلق النار على الحلاق بالقتل المتهور، في انتظار جلسة الاستماع.

في 23 يونيو/حزيران، أطلقت شرطة الحدود النار وقتلت، دون أي تبرير على ما يبدو، أحمد عريقات البالغ من العمر 26 عاما، بشكل غير قانوني، بعد أن اصطدمت سيارته بنقطة تفتيش وخرج من السيارة في ظروف لا يبدو فيها أنه كان يمثل تهديدا وشيكا للحياة. ووصفت السلطات ما جرى بأنه هجوم دهس. قالت عائلته إنه كان حادثا.

نادرا ما تحاسب السلطات الإسرائيلية قوات الأمن التي تستخدم القوة المفرطة أو المستوطنين الذين يهاجمون الفلسطينيين.

بحسب أوتشا، فإن عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين خلال الأشهر الخمسة الأولى من 2020 ظل عند مستويات عام 2019، بزيادة ملحوظة عن السنوات السابقة. قتل المستوطنون مدنيا فلسطينيا وجرحوا 103 وألحقوا أضرارا بالممتلكات في 136 حادثة حتى 5 أكتوبر/تشرين الأول، بحسب الوكالة الأممية.

قتل مهاجمون فلسطينيون جنديا إسرائيليا وأصابوا ما لا يقل عن 28 جنديا ومدنيا إسرائيليا في الضفة الغربية، حتى 22 سبتمبر/أيلول.

قالت السلطات الإسرائيلية في سبتمبر/أيلول إنها ستواصل احتجاز جثث الفلسطينيين الذين قُتلوا فيما تعتبره حوادث أمنية، كوسيلة ضغط لتأمين إطلاق حماس جثتَي جنديين إسرائيليين يُفترض أنهما قُتلا في معارك  العام 2014. احتجزت إسرائيل، حتى سبتمبر/أيلول، جثث 67 فلسطينيا قُتلوا منذ 2015، بحسب “مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان”.

في حي العيسوية بالقدس الشرقية، اعتقلت القوات الإسرائيلية 850 فلسطينيا بين أبريل/نيسان 2019 وأبريل/نيسان 2020، بحسب منظمة “بتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية، في إطار “حملة الانتهاكات المستمرة” ضد سكانها.

في أبريل/نيسان، أغلقت الشرطة الإسرائيلية مركزا للكشف عن فيروس كورونا أنشأه سكان في حي سلوان بالقدس الشرقية على أساس أنه يعمل بمساعدة السلطة الفلسطينية.

تراقب السلطات الإسرائيلية عن كثب خطاب الفلسطينيين على الإنترنت، وتعتمد جزئيا على الخوارزميات التنبؤية لتحديد من يجب استهدافه. كما احتجزت الفلسطينيين بناء على منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي وأنشطة تعبيرية أخرى.

حتى 31 أغسطس/آب، وفقا لأرقام “مصلحة السجون الإسرائيلية”، احتجزت إسرائيل 4,207 فلسطينيين بتهم “أمنية”، بينهم 153 طفلا، الكثير منهم لرشقهم الحجارة، و355 رهن الاعتقال الإداري دون تهم رسمية أو محاكمة وبناء على أدلة سرية.

في حين أن القانون المدني الإسرائيلي يطبق على المستوطنين، تحكم السلطات الإسرائيلية فلسطينيي الضفة الغربية، باستثناء سكان القدس، بموجب قانون عسكري قاسٍ. وبذلك، فهي تحرمهم من الإجراءات القانونية الأساسية وتحاكمهم في محاكم عسكرية بمعدل إدانة يقارب 100%. تحتجز إسرائيل العديد من الفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة داخل إسرائيل، ما يعقّد الزيارات العائلية وينتهك الحظر الذي يفرضه القانون الإنساني الدولي على نقلهم خارج الأراضي المحتلة.

المستوطنات وهدم المنازل

خصصت إسرائيل أراض فلسطينية إضافية مصادرة لإقامة مستوطنات غير قانونية، ووفرت الأمن، والبنية التحتية، والخدمات لأكثر من 647 ألف مستوطن يقيمون في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية.

في يونيو/حزيران، ألغت المحكمة العليا الإسرائيلية قانونا يسمح للسلطات، بمفعول رجعي، أن تصادر الأراضي التي أقيمت عليها المستوطنات، والتي تعترف إسرائيل بأنها ملكية خاصة لفلسطينيين. ومع ذلك، أوردت المحكمة في تبريرها “أساليب أقل ضررا” لكن يمكن أن يكون لها نفس التأثير، بما في ذلك الأمر العسكري الذي يؤيد صفقات الأراضي لو اعتقدت السلطات بشكل معقول في وقت البيع أن الأرض ليست ملكية خاصة، ما يعني الموافقة الفعلية على المصادرة غير القانونية.

أمرت محاكم القدس في قضايا عدة بإجلاء عائلات فلسطينية من منازلهم التي عاشوا فيها لعقود في حي سلوان بالقدس الشرقية، والتي تستند إلى حد كبير إلى قوانين تمييزية تفضل الادعاءات بأن الأرض كانت لملّاك يهود قبل عام 1948 أو تسمح للدولة بالاستيلاء على الأرض “كممتلكات غائبين”.

دفعت صعوبة الحصول على تصاريح البناء الإسرائيلية في القدس الشرقية و60% من الضفة الغربية الخاضعة لسيطرة إسرائيل الحصرية (المنطقة ج) الفلسطينيين إلى بناء مساكن، ومدارس، ومبانٍ تجارية معرضة باستمرار لخطر الهدم أو المصادرة لكونها غير مرخصة. اعتبرت أوتشا، حتى أبريل/نيسان 2020، 46 تجمعا فلسطينيا في الضفة الغربية “معرضا بشدة لخطر الترحيل القسري” بسبب السياسات الإسرائيلية التعسفية. يحظر القانون الدولي على سلطة الاحتلال تدمير الممتلكات ما لم يكن ذلك “ضروريا للغاية” لـ “العمليات العسكرية”.

حرية تنقل الفلسطينيين

واصلت إسرائيل فرض نظام التصاريح الذي تفرضه على حاملي الهوية الفلسطينية، مع استثناءات نادرة، والذي يتطلب التقدم بطلب للحصول على تصاريح محدودة المدة من الجيش الإسرائيلي لدخول أجزاء كبيرة من الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية. تصف بتسيلم هذا الإجراء بأنه “نظام بيروقراطي تعسفي ويفتقر إلى الشفافية” حيث “كثير من الطلبات تُرفض دون أي توضيح ودون توفر إمكانية حقيقية للاعتراض على الرفض”. حتى يونيو/حزيران، أبقت السلطات الإسرائيلية تقريبا 600 نقطة تفتيش وحاجز دائم داخل الضفة الغربية، بالإضافة إلى تقريبا 1,500 نقطة تفتيش متنقلة بين أبريل/نيسان 2019 ومارس/آذار 2020، بحسب أوتشا. تقوم القوات الإسرائيلية روتينيا بإرجاع الفلسطينيين أو إذلالهم وتأخيرهم عند نقاط التفتيش دون تفسير.

الجدار الفاصل الإسرائيلي، والذي قالت إسرائيل إنها شيّدته لأسباب أمنية رغم أنّ 85% منه يقع داخل الضفة الغربية وليس على طول الخط الأخضر الذي يفصلها إسرائيل عن الأراضي الفلسطينية، يمنع وصول الفلسطينيين إلى أراضيهم الزراعية. كما يعزل 11 ألف فلسطيني يعيشون على الجانب الغربي من الجدار، ولكنهم ممنوعون من السفر إلى إسرائيل، ويخضع عبورهم  الجدار للوصول إلى ممتلكاتهم وخدمات أخرى لقيود شديدة.

السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية

لغاية 21 أكتوبر/تشرين الأول، سجلت السلطة الفلسطينية 43,308 إصابة و399 وفاة بفيروس كورونا منذ بدء تفشي الفيروس في الضفة الغربية، باستثناء القدس الشرقية. وبينما كانت تفرض قيودا في بعض الأحيان على أجزاء من الضفة الغربية خاضعة لإدارتها، فقد اعتمدت إلى حد كبير على الإغلاق المحلي للمناطق التي تشهد ارتفاعا في عدد الحالات.

تعهد رئيس الوزراء محمد اشتية في يوليو/تموز 2019 بإنهاء الاعتقالات التعسفية. في يونيو/حزيران، احتجزت قوات السلطة الفلسطينية الصحفي سامي الساعي لثلاثة أسابيع للاشتباه بأنه يدير صفحة على “فيسبوك” تنشر معلومات عن فساد السلطة الفلسطينية. اعتقلت قوات السلطة الفلسطينية في يوليو/تموز حوالي 20 ناشطا في رام الله كانوا متجهين إلى احتجاج على فساد السلطة الفلسطينية، واحتجزتهم لأكثر من أسبوع، وحاكمتهم بتهمة التجمع بشكل غير قانوني وانتهاك القيود لمكافحة فيروس كورونا.

لا زال قانون الأحوال الشخصية يميّز ضد المرأة، بما يشمل الزواج، والطلاق، والقرارات متعلقة بالحضانة، والميراث. وثقت مجموعات حقوق المرأة زيادة في تقارير العنف الأسري خلال إغلاقات كورونا. ومع ذلك، لا يوجد في فلسطين قانون شامل للعنف الأسري. تدرس السلطة الفلسطينية مسودة قانون حماية الأسرة، لكن مجموعات حقوق المرأة أثارت مخاوف من أن القانون لا يقدم ما يكفي لمنع الانتهاكات وحماية الضحايا.

إسرائيل

سجلت إسرائيل 306,649 إصابة و2,278 وفاة بفيروس كورونا، بما في ذلك في القدس الشرقية ومستوطنات الضفة الغربية، لغاية 21 أكتوبر/تشرين الأول. فرضت إسرائيل إغلاقات بين أواخر مارس/آذار وأوائل مايو/أيار، ومجددا بين أواخر سبتمبر/أيلول ومنتصف أكتوبر/تشرين الأول. لتتبع حالات الإصابة بفيروس كورونا، أذنت السلطات الإسرائيلية لـ”الشاباك”، جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، بجمع بيانات بكميات هائلة من مزودي الاتصالات متعلقة بتتبع الهواتف المحمولة للمواطنين الإسرائيليين، بداية مارس/آذار، دون موافقتهم. سمح “الكنيست” في يوليو/تموز بالمراقبة لمدة ستة أشهر، في أعقاب حكم المحكمة العليا الإسرائيلية في أبريل/نيسان بأن الحكومة يجب أن تُخضع البرنامج للتشريع.

في يونيو/حزيران، جدد الكنيست أمرا مؤقتا ساري المفعول منذ 2003 يحظر، مع استثناءات قليلة، منح وضع قانوني طويل الأمد أو إقامة داخل إسرائيل لفلسطينيين من الضفة الغربية وغزة متزوجين من مواطنين إسرائيليين أو سكان في إسرائيل. تسبب ذلك في كثير من الحالات بتشتيت العائلات.

شارك آلاف الإسرائيليين في مظاهرات أسبوعية بدأت في يونيو/حزيران ضد تعامل الحكومة مع فيروس كورونا وتتهم رئيس الوزراء نتنياهو بالفساد. فرّقت الشرطة الإسرائيلية بالقوة مظاهرات عدة، وضربت واعتقلت عشرات المتظاهرين. قال “صندوق المدافعين عن حقوق الإنسان” الإسرائيلي إنه قدم، بين 14 و26 يوليو/تموز في القدس وحدها، استشارات قانونية لأكثر من 150 متظاهرا كان قد تم اعتقالهم.

واصلت السلطات الإسرائيلية بشكل منهجي رفض طلبات اللجوء لنحو 32 ألفا من طالبي اللجوء الإريتريين والسودانيين الموجودين في البلاد. للضغط عليهم للمغادرة، تحاول الحكومة جعل حياتهم “بائسة“، على حد تعبير وزير الداخلية الإسرائيلي في 2012، عبر القيود على الحركة، وتصاريح العمل، والرعاية الصحية. ألغت المحكمة العليا في أبريل/نيسان قانونا يسمح بمصادرة جزء من رواتبهم.

الأطراف الدولية الرئيسية

قدمت الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني خطة تدعي تقديم حل مبني على الدولتين، لكنها تنطوي على هيمنة إسرائيلية دائمة على مساحات شاسعة من الضفة الغربية والضم الرسمي للمستوطنات، وغور الأردن، وأجزاء أخرى من المنطقة ج، مع وضع شروط من شأنها أن تجعل قيام دولة فلسطينية مستحيلا. في يونيو/حزيران، أثار أعضاء في “الكونغرس” الأمريكي مخاوف بشأن الضم في رسائل إلى رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو.

ردا على الخطة الأمريكية، دعت 27 دولة عضو في “الاتحاد الأوروبي”، منها ألمانيا وفرنسا، إلى ضمان حقوق متساوية للفلسطينيين والإسرائيليين. على مدار العام، حثّ الاتحاد الأوروبي إسرائيل مرارا وتكرارا على التخلي عن خطط الضم ووقف بناء المستوطنات، مسلطا الضوء على عدم شرعيتها بموجب القانون الإنساني الدولي؛ لكن الانقسامات الشديدة بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أحبطت حتى الآن محاولات تبني إجراءات عقابية من جانب الاتحاد الأوروبي ردا على انتهاكات إسرائيل المستمرة والخطيرة للقانون الإنساني الدولي.

في فبراير/شباط، أصدر “مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان” التابع للأمم المتحدة قاعدة البيانات التي طال انتظارها للشركات التي مكّنت قيام المستوطنات أو استفادت منها، وأدرج فيها 112 شركة.

أنهى مكتب المدعية العامة لـ”المحكمة الجنائية الدولية” فحصه المبدئي للوضع الفلسطيني في ديسمبر/كانون الأول 2019، وقرر أنه قد تم استيفاء جميع المعايير اللازمة للشروع في تحقيق رسمي في الجرائم الخطيرة المزعومة التي ارتكبها الإسرائيليون والفلسطينيون. ومع ذلك، طلب المدعون توجيهات من قضاة المحكمة بشأن الولاية القضائية الإقليمية للمحكمة الجنائية الدولية قبل بدء التحقيق. إلى حين كتابة هذا الملخص، لم يكن قد صدر القرار بعد.

المصدر | Human Rights Watch 


تحميل